انتابنى شعور عميق بالأسى حين علمت بنبأ رحيل الفنانة العظيمة ماجدة الصباحى التى رحلت
بالأمس عن عالمنا المضطرب إلى جنات عرضها السماوات والأرض. كانت نسمة هادئة وبسمة
عابرة لكل من عرفها والتقى بها. من ينسى أدوارها الخالدة على الشاشة الفضية فى رحاب نصف
قرن من الزمن الجميل. لازالت صورة الراحل عبد الحليم حافظ وهو يعزف على البيانو ويغنى
أغنيته الرومانسية الرائعة (أهواك) محفورة فى الذاكرة وماجدة ترنو إليه بعين المحب العاشق.
لقد تأثرت الفتيات والسيدات فى مصر والعالم العربى بالأفلام التى قامت ببطولتها حيث جسدت
آمال وطموح والتحديات التى واجهتها المرأة العربية العصرية خلال خمسون عاما من الزمن
المشحون بالكفاح والرؤى والتطلعات.
لقد شكلت الراحلة بصحبة فاتن حمامة وليلى مراد وشادية وسعاد حسنى وجدان الشعب العربى
من المحيط إلى الخليج خلال ساعات الفرح وسنوات الشقاء. قدمت للشاشة الفضية أفلاما وطنية
شهيرة عن حرب الجزائر والحروب التى خاضتها مصر والعالم العربى وساهمت فى دعم قضايا
التحرر والاستقلال فى أفريقيا والعالم العربى. من ينسى فيلم (جميلة) الذى كان نقطة تحول فى بث
الروح الوطنية فانطلقت المظاهرات فى انحاء العالم الحر تناصر قضية عروبة الجزائر وهويته
الوطنية الخالصة.
حكى لى الأخ فتحى شفيق الإعلامى الدولى أن المجاهدة الفاضلة (جميلة بوحيرد) لا تفضل التحاور
مع وسائل الإعلام عن دورها فى قضية التحرير الوطنى. التقيت بالفنانة الراحلة وأنا أتدرب فى
الباخرة السياحية (إيزيس) حيث كان يطيب لها مطالعة الأعمال الفنية والتلاقى مع رجال صناعة
السينما والكتاب على متن الباخرة التى ترسو على ضفاف النهر الخالد فى مناخ يعكس متعة الحوار
والإبداع الخلاق.
لا أخفى حزنى العميق على رحيل الفنانة العظيمة فهى أكبر من كلمات تصاغ وخواطر ترسل
وأحزان تبث. ينتاب المرء شعور بأن نجوم الزمن الجميل تخبو ويصبح العالم أقل بهجة وصفاء.
ندعو الله أن يتغمدها برحمته بقدر ما أسعدتنا ونشرت البهجة فى النفوس والعزيمة فى القلوب.
د. يحي عبد القادر حسن / القاهرة