فــول طبــق مدمــس !!!

2020-01-04T17:19:17+01:00
2020-01-04T17:19:19+01:00
راي
فتحي شفيق4 يناير 2020آخر تحديث : منذ 5 سنوات
فــول طبــق مدمــس  !!!

لا أدرى من أخبرنا بأن (السعادة لا تدوم) لم ينقطع سقوط المطر طوال الليل فى القاهرة العامرة. غامرت وفارقت الفراش الدافئ سعيا وراء دفئ غير مضمون فأعددت قدحا من القهوة اليمنية الممزوجة بمسحوق الكاكاو وربما شذرات من القرفة الجاوية (نسبة إلى جزيرة جاوا) استمتعت بالشراب اللذيذ وانطلقت أخطط لهاذ الصباح البارد. لابد من مغادرة الدار لشراء الصحف اليومية التى تبدو كأهرام الجيزة (أخبار اليوم المصرى اليوم والأهرام)  ارتديت ملابس ثقيلة وحين فتحت باب المنزل اكتشفت آثار المطر لا زالت باقية كآثار قوم تبع وصالح وثمود وجرهم! فجأة تناثرت برك المياه والعجيب أن الشوارع خلت من الكلاب الضالة والقطط الشاردة التى كانت تؤنس وحدتى.

حين اقتربت من بائع الصحف لمعت فى ذهنى فكرة عبقرية لماذا لا أعرج على (أبو أشرف) لأشترى منه قدحا من الفول الساخن والخبز الحافى. يجب أن تحيى شجاعة المرأة التى تتسول وقد احتلت موقعها على ناصية الطريق فى هذا الشتاء الزمهرير وأنا أكافح تحت قطرات المطر. اقتربت من كوة (أبا الأشارف) وكان المحل خاليا إلا قليلا فناولت (مسعد) عشرة جنيهات وطلبت منه فول مهروس بزيت الزيتون وربطة من الباذنجان المخلل الذى غنى له الراحل محمود شكوكو أغنية شعبية شهيرة. أجابنى فى ثقة (عايز زيت حار ولا دره) ابتهجت حين سمعت (زيت حار) وتذكرت طيب الذكر أحمد عدوية وله أغنية شهيرة (نار يا حبيبى نار .. فول بالزيت الحار) انتقيت رغيفا طازجا وفكرت أن حان الوقت لمنح (مسعد) إكرامية جنيهان على الأقل. لاحت عيدان الجرجير الأخضر عن يمينه فصحت (عود جرجير يا مسعد) لا أدرى لماذا شعرت كأنه قائد لأوركسترا القاهرة السيمفونى وهو يعد طبق الفول الزيت الحار (مستخلص من السمسم) ثم صحت من جديد حين اكتشفت أنه يبدو مثل الراحل على إسماعيل أو عبده داغر عازف الكمان الشهير لكن على مسرح الأوبرا بالطبع. (نص ليمونه يا مسعد) .. صاح مسعد مبتهجا كأنه يقود أوبرا (لا سكالا) فى روما وهو يلوح مزهوا بقرن فلفل أخضر حار يلمع مثل خنجر مصقول لسيف بن ذى يزن.

تناولت صحن الفول الملتهب لكن (مسعد) لم يفرغ بعد من قيادة الأوركسترا فقد تمايل وهو يلوح فى الهواء البارد ببصلة مخروطية القوام كأنها لؤلؤة نادرة انتشلها من قاع المحيط.لا أدرى مقدار سعادتى بتلك الوجبة الأسطورية. غادرت دار (مسعد) وألقيت التحية على جعفر ماسح الأحذية وهو يقاوم زمهرير الشتاء. حين مررت بالسيدة العجوز منحتها جنيها فضيا وانطلقت بصحبة أهرامات مصر الثلاث ( المصرى  و الأخبار  وو….)

رابط مختصر

نستخدم ملفات الكوكيز لنسهل عليك استخدام موقعنا الإلكتروني ونكيف المحتوى والإعلانات وفقا لمتطلباتك واحتياجاتك الخاصة، لتوفير ميزات وسائل التواصل الاجتماعية ولتحليل حركة الزيارات لدينا...لمعرفة المزيد

موافق