الطريقة التي عاد بها القضاة إلى عملهم وإنهائهم الإضراب الذي خلّف جدلا كبيرا لأكثر من أسبوع، يكشف النوايا التي كان يحملها هؤلاء، الذين استغلوا الوضع الاستثنائي الذي تعيشه البلاد لقضاء مصالحهم، حيث أسقط اتفاق رفع الأجور بأثر رجعي منذ جانفي الفارط، الإضراب ومحاربة عدالة الهاتف وعدالة الليل بالضربة القاضية، ونصّب هذا المكسب المادي البحت المحولين من القضاة بكل هدوء!
العبرة بالخواتيم كما يقال، وخاتمة إضراب القضاة يكشف أن هؤلاء لم يتخندقوا إطلاقا في صف الباحثين عن حلول لأزمة البلد، بل كانت مساعيهم لتحقيق مطالب مهنية بحتة، وإذا كانت القوانين “تداس” أو يعلى عليها في بعض الأحيان عندما يتعلق الأمر بأهداف نبيلة، فإن القضاة “داسوا” على القانون الذي يمنعهم من التجمهر والاعتصام بحكم رمزية مناصبهم، ولم يكن ذلك من أجل مصلحة عليا أو مصلحة تتعلق بذاتهم وغيرهم، حتى يكون لهم مبرر على الأقل، بل كانت خادمة لمصالحهم الشخصية، رغم أن القانون يسمح للدولة أن تجري تحويلات إذا اقتضت الضرورة، ولا يحق لأي قاض أن يفرض على الدولة المكان الذي يزاول فيه مهامه، وبالتالي القضاة سقطوا في المحظور.
الكثيرون يتساءلون اليوم، لماذا لم يحتج القضاة على التعليمات التي كانوا يتلقونها منذ عقود في إصدار الأحكام والتي اعترف بها كثيرون أمام الملأ؟ لاسيما وأن المطلوب من القاضي أن يطبق القوانين وليس التعليمات، ولماذا لم يحتج القضاة للمطالبة باستقلالية القضاء، التي جعلوها ضمن التوابل التي أعدوا بها “خلطة” تمرير مطالبهم المادية؟ بل ولماذا لم يحتجوا على الملفات المكدسة في أروقة المحاكم والتي مازالت تشكل قنابل موقوتة تهدد سمعة القضاء الجزائري؟ أم أن الرضا والسكوت كان يصب في خانة مصالحهم، لاسيما وأن التحويلات الأخيرة كشفت نوايا هؤلاء، حيث كان التصعيد بحجم “الوخز” حتى وإن كان هذا “الوخز” في الحقيقة إجراء قانوني لا غبار عليه.
السقوط في المحظور!
رابط مختصر
المصدر : https://elzamaninfo.com/?p=772