رحم الله (أجاثا كريستى) الروائية الإنجليزية التى تنبأت بأن ” للجرائم الغابـرة ظلالا
دائمة!”. تذكرت (كريستى) عندما قص على الصديق (شادى عامـر) شطرا من الجرائم
التى أرتكبها – بحسن نية – منذ صباه. فحين بلغ من العمر عشر سنوات كان قد التحق
بمدرسة الأشراف الإبتدائية. كان يحلو له أن يلعب كرة القدم فى فناء الدار الفسيح بعد
عودته من المدرسة.
ولما كان أباه ضابطا فى الشرطة المصرية فقد كان يعود للدار فى الرابعة عصرا.كان
على (شادى) أن يصعد الدرج بسرعة خارقة ويأوى إلى الفراش حتى لا يكتشف
الوالد الذى اشتهر بالحزم فى إدارة شئون الشرطة أن ولده كان يلعب كرة القدم فى
باحة الدار منذ الثانية ظهرا وحتى الرابعة عصرا. فى نهاية كل أسبوع كانت الأستاذة
(منيرة) مدرسة اللغة العربية تقوم بمراجعة الواجب المدرسى للطلاب إلا أنها اكتشفت
أن (شادى) لم ينجز واجباته المدرسية منذ عدة أسابيع.
- سوف أبلغ الناظرة عن إهمالك وقد تستدعى ولى أمرك
- أنا
- طبعا ..أنت تلميذ مهمل. العجيب أن والدتك تعمل فى وزارة التربية والتعليم.
إنصرف شادى حزينا مهموما .. سوف ينال عقابا صارما من الوالد المشهور بعدم
التهاون مع الجانحين. والحل ….؟
إنقضى أسبوع ودق شادى باب حجرة الأستاذة منيرة ….
- أنجزت الواجب ؟
- حضرتك
- تكلم بسرعة
إنهمرت الدموع من عين شادى بغزارة
- مالك يا إبنى؟ حصل إيه …؟
- حضرتك … حضرتك … بابا طلق ماما
- يا نهار إسود .. إمتى .. أنا أعرف ماما كويس
- – …..
أنطلقت الأستاذة (منيرة) تجفف دموع شادى وتحتضنه فى مودة
- خلاص .. خلاص .. ماتعيطش يابنى
جفف (شادى) دموع التماسيح وانطلق إلى ملعب كرة القدم. لقد أنقذه كذبه من مسئولية
إنجاز الواجب المدرسى طوال العام .. لقد إضطر لأن يطلق أمه حتى يستمتع بلعب
كرة القدم وينجو من عذاب إعداد الواجب اليومى. رحم الله (كريستى) !
قصة د. يحيى عبد القادر حسن
روائى مصرى