“إن السعادة لا تدوم .. الأيام الحلوة مضت وزمن الرخاء ولى أما أن تكون الكارثة بهذا الحجم
فهذا مالم يكن بالحسبان” يبدو أن تولستوى ( – ) كان يشعر بالكارثة التى تعانى منها البشرية فى مطلع عام ميلادى مريب هو 2020. تباينت الرؤى والتفسيرات للمحنة التى نتجرع كأسها اليوم مابين
مصاب عليل أو راحل عزيز. اتفق فريق على أن مصدر الكارثة هو وباء صناعى تم نشره بين
شعوب كوكب الأرض لبسط نفوذ سياسى أو جنى ربح مادى. وجنح فريق آخر يهوى مراجعة
خرائط الجغرافيا ومواقع النجوم بأن الدول التى ذاقت مرارة الوباء تقع فى مدار فلكى يشمل تلك الدول
مثل إيطاليا وفرنسا وأسبانيا.
العجيب أن خلال مناقشتى لرجل دين أشار إلى أن معظم الدول الأوروبية التى دمرها الوباء بدرجة
مأساوية هى دول تتبع المذهب الكاثوليكى! فهل سلطت السماء الوباء على أهل مذهب بعينه..ولو
فرضنا سلامة الإدعاء فما هى جناية الكنيسة الكاثوليكية حتى تذوق مرارة العذاب الأليم. روما كانت
وثنية حتى هداها الرب سواء السبيل واعتنقت المسيحية وحملت رايتها قرونا شتى. أما أسبانيا فلقد
نجحت فى نشر المذهب الكاثوليكى فى العالم الجديد غربا وحملها طموحها للغزو شرقا وبسطت
نفوذها على جزرالفلبين كما استولت البرتغال على (جويا) الهندية.
ساورنى الشك حتى أنى تواصلت مع الصديق خالد عبدون الذى يسكن مدينة زيورخ السويسرية
وطلبت منه دراسة عن تفشى الوباء فى الإتحاد السويسرى الذى يضم ثلاث قوميات متنوعة اللسان
والبيان فهناك الإقليم المجاور لإيطاليا ثم أقليم يطل على فرنسا وتبقى زيورخ وبرن التى تتحدث
بلسان جرمانى ولكنة محلية مميزة. الدراسة مرفقة ويبدو فيها تفشى الوباء فى القطاع المجاور
للحدود الفرنسية ويقطنه خليط من البروتستانت وأتباع جون كالفين وكاثوليك بطبيعة الحال.
هل الوباء يتمتع بجهاز توجيه يستهدف الثالوث الكاثوليكى التقليدى فى كل من روما وباريس
ومدريد؟ وطبعا لن يذرالفاتيكان حيث معقل البابا فرانسيس.
هل الآباء الكاثوليك يتمتعون بحسن الظن وأن السعادة تدوم على عكس فلسفة تولستوى الحذر
الذى تشكك فى نوايا هذا العالم واستشرف الويلات التى نتجرعها ليل نهار. فى الواقع تشير
الأرقام إلى أن ألمانيا معقل البروستانت (مارتن لوثر) تعانى بدرجة أقل من جاراتها التى
تمسكت بعروة الثالوث المقدس. يثور سؤال هل لو كانت إيطاليا بروتستانتية مثلا فسوف
يتجاوزها الوباء؟
د.يحي عبد القادر حسن / كاتب مصري
