كوز دره مشـــوى ….

2020-10-15T00:48:09+01:00
2020-10-15T00:49:44+01:00
ثقافي
فتحي شفيق15 أكتوبر 2020آخر تحديث : منذ 4 سنوات
كوز دره مشـــوى ….

ظن البعض أن برحيل العبقرى توفيق الحكيم (1898  –  1987) أن عالم المرح  قد زال وأن

بوفاة الساحر يحيى حقى (1905 -1992) أن دنيا الفكاهة  قد ولت إلى الأبد. لازلت أتذكر وصف

الأديب توفيق الحكيم حين التقى بالمخرج المبدع عزيز عيد فى ميدان الأوبرا المصرية فى عصرها

الذهبى وهو يتوجه لحضور عرض صباحى (ماتينيه) للأوبرا. أثناء المسير التقى عزيز عيد برجل

يبيع كيزان معدنية والتى تستخدمها ربات البيوت فى شئون المنزل اليومية. قام بشراء كل ما يحمله

الرجل وهو فى طريقه لدار الأوبرا العريقة. يحكى توفيق الحكيم أن عزيز عيد خلال مسيره

التقى بأصناف شتى من المشعوذين  وأبناء السبيل فحياهم وصحبهم فى طريقه للأوبرا ! تخيل

توفيق الحكيم بصحبة عزيز عيد حاملا الكيزان المعدنيه بصحبة فريق من (السككيه) بلغة مطلع

القرن العشرين وهم على وشك دخول أرقى أوبرا ملكية فى الشرق فى ذلك الزمان.

أما يحيى حقى فلك أن تستمتع بوصفه للحوار الذى دار بين لاظوغلى حكمدار القاهرة المحروسة

فى عصر محمد على باشا مؤسس مصر الحديثة. ولحظات الرعب التى ساورت لاظوغلى حين

كان الباشا يحتسى معه القهوة ويرشده إلى أفضل السبل لجمع الضرائب من عامة الشعب.

تواردت تلك الخواطر فى الذاكرة وأنا أتصفح جريدة المصرى اليوم التى حملت مقالا للكاتب

د. أيمن الجندى بعنوان (طريق طنطا إسكندرية الزراعى).

يحكى الكاتب كيف أنه تلقى خطابا من د. على الشريف يصف فيه حالة طريق طنطا الأسكندرية

الزراعى. ربما طالعت ملحمة (الجحيم) للروائى الإيطالى (دانتى أليجيرى) الذى عاش فى القرن

الرابع عشر. دعنى أكاشفك بأن ما ورد فى كتاب د. على الشريف يجعل من (جحيم) دانتى فردوسا

مزهرا. يقسم الشريف الكاتب العبقرى الطريق إلى خمس مراحل فتسلكها أعاذك الله كأنك تسلك

سبيلا إلى الدرك الأسفل من النار.

“المرحلة الأولى من طنطا لكفر الزيات .. زحام شديد وسط العبور العشوائى للتكاتك والمواشى

وقد تحولت المطبات من عرضية إلى طولية ..”  المرحلة الثانية من كفر الزيات لإيتاى البارود

“أفضل مرحلة عدا المطبات القاتلة التى يصاحب كل مطب فيها بائع سوبيا أو ليفه للإستحمام

ومناديل ورقية مع كوز دره مشوى !” أما المرحلة الثالثة من إيتاى البارود حتى دمنهور” كانت

جيدة لكن يبدو أن هناك عمل مدفون عند قرية (جنبواى) يريدون إخراجه منذ ست سنوات حتى

تصل دمنهور التى ستدرك أنك وصلتها بعد عبور 6 مطبات متتالية!”

“المرحلة الرابعة من دمنهور لكفر الزيات لا بأس بها قبل الوصول للطريق الساحلى الدولى ..

ستقابل زحمة كبيرة جدا لوجود مطبات قاتلة تواجه محلات بيع الخبز الفلاحى والفطير ومنتجات

الألبان. مطبات لزوم لقمة العيش طبعا. المرحلة الخامسة من الطريق الدولى للأسكندرية تلعب

أكروبات من فواصل الطريق المدمرة إلى سيارات النقل التى تتسابق مع بعضها حتى وصولك

بالسلامة إلى الأسكندرية”.

“أما لو كنت من سعداء الحظ الذين سيواصلون حتى الساحل فأمامك من الأسكندرية حتى الكيلو

21 فى طريق الساحل مغامرات رائعة خصوصا مع فواصل الكبارى المتهالكة. هذا الطريق

أسافر عليه بشكل يومى وهو شريان حيوى مهم رئيسى فى الدلتا لكنه للأسف أشبه بجثة

متهالكة ومتحللة”.

أما جحيم (دانتى) الذى يصفه الكاتب فهو مأساة مروعة صيغت بأسلوب ساخر رائع يحكى

مرارة الواقع فى الطريق الزراعى “بعد كوبرى الدلجمون حيث كل فاصل من فواصل

الكوبرى يخبط فى قلبك ثم عبور نفق كفر الزيات العظيم المصنوع من الحجر الأثرى

مخلوط بأسفلت وروث بهائم وحفر. تعبر النفق وبجوارك الترييلات على يمينك والتوك

توك على شمالك وامرأة متسولة فى المنتصف ومن فوقك قطار يهدر فوق النفق !””.

رحم الله دانتى !

د. يحيى عبد القادر حسن كاتب مصرى

رابط مختصر

نستخدم ملفات الكوكيز لنسهل عليك استخدام موقعنا الإلكتروني ونكيف المحتوى والإعلانات وفقا لمتطلباتك واحتياجاتك الخاصة، لتوفير ميزات وسائل التواصل الاجتماعية ولتحليل حركة الزيارات لدينا...لمعرفة المزيد

موافق