أنيس منصور الكاتب الراحل ورائد من رواد الكتابة السياحية الذى أنجز مؤلفه الشهير (200
يوم حول العالم) والذى يعد أكثر المؤلفات العربية مبيعا حكى لى كيف أنه فى صباه التحق
بكتاب مولانا معلم القرآن الكريم فى قريته من ضواحى مدينة المنصورة مع فريق من أقرانه
الصغار. كان مولانا يتلقى راتبه (عينا) أى من بيض الدجاج والبط والحمام أو الأرانب التى
يعشقها أهل الريف إلى جانب الأرز والقمح والشعير وربما العسل الأسود. بالرغم من أن الفتى (أنيس)
تلقى تعليمه الأولى فى الثلث الأول من القرن العشرين إلا أن نظام المقايضة TRADE
الذى كان يعتمد على تبادل السلع والخدمات هو النظام التجارى والإقتصادى الذى سيطر على
مصر الفرعونية منذ سبعة آلاف سنة خلت حتى انقرض ذلك النمط بنهاية القرن العشرين.
إلا أنه من المثير أن صحيفة المصرى اليوم (3 مارس 2020) قد ذكرت فى الافتتاحية أن
السيد محافظ البحيرة قد أصدر تعليماته بصرف قرض من (البط المسكوفى) لحوالى 56
أسرة وقيمة القرض تعادل 1500 جنيه تشمل علف (غذاء للبط) يقدر بحوالى 900 جنيه
وكذلك 20 بطة مسكوفى.
تتولى مديرية الزراعة رعاية البط حتى يبلغ 21 يوما ثم يتم توزيعه على الأسرة المنتجه.
هذا التقليد ازدهر فى مصر منذ عصر ما قبل الأسرات أى ما يعادل زمن قوم عاد وإرم
وقوم تبع. إلا أن التاريخ عادة ما يعيد نفسه كما يرشدنا العمالقة الأوائل والمؤرخين العظام
أمثال بلوتارك وهيرودوتس وديورانت.
فهاهى مصر فى القرن الواحد والعشرون تمارس عادات عتيقة لكنها تصبها فى قوالب
جديدة .. وعلى حين تبحر سفن الفضاء لتصل إلى كواكب المريخ وزحل فإن القرية
المصرية ترتد إلى سبعة آلاف سنة مضت وهى سياسة حميدة بالطبع ففى رعاية البط المسكوفى عشر فوائد !!! ( ملحوظة كلمة TRADE أصلها عربى)
د. يحي عبد القادر حسن / كاتب مصري